قوله تعالى :
{(يا أيها الذين امنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين امنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير)}
التحريم (آية
شروط التوبة النصوح
قال العلماء :
التوبة واجبة من كلّ ذنب ،فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي
فلها ثلاثة شروط :
أحدها: أن يقلع عن الذنب.
والثاني: أن يندم على فعلها.
والثالث: أن يعزم ألا يعود إليها أبدا. فإن فقد أحد الثلاثة لم تصحَّ توبته
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة :
هذه الثلاثة
وأن يبرأ من حق صاحبها ، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه، وإن كانت حق قدف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه ، وإن كانت غيبة استحله منه ، ويجب أن يتوب من جميع الذنوب فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب ، وبقي عليه الباقي ،وقد تظاهرت دلائل الكتاب الكتاب والسنة وإجماع الامة على وجوب التوبة .
رياض الصالحين - النووي -
سئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
عن قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا )
فأجاب : الحمد لله , قال عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - وغيره من الصحابة و التابعين - رضى الله عنهم - : التوبة النصوح : أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه , و" نصوح " هى صفة للتوبة , وهى مشتقة من النصح والنصيحة . وأصل ذلك هو الخلوص . يقال : فلان ينصح لفلان إذا كان يريد له الخير إرادة خالصة لا غش فيها , وفلان يغشه إذا كان باطنه يريد السوء , وهو يظهر إرادة الخير كالدرهم المغشوش , ومنه قوله تعالى ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج , اذا نصحوا لله ورسوله ) أى أخلصوا لله ورسوله قصدهم وحبهم . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح " الدين النصيحة . ثلاثا " قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال :" لله , ولكتابه , ولرسوله , ولائمة المسلمين . وعامتهم "
فان أصل الدين هو حسن النية , واخلاص القصد , ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث لايغل عليهن قلب مسلم , اخلاص العمل لله , و مناصحة ولاة الامور ,و لزوم جماعة المسلمين ,فان دعوتهم تحيط من ورائهم )) أى هذه الخصال الثلاث لا يحقد عليها قلب مسلم بل يحبها ويرضاها .
فالتوبة النصوح هى الخالصة من كل غش , واذا كانت كذلك كائنة فان العبد انما يعود الى الذنب لبقايا فى نفسه , فمن خرج من قلبه الشبهة والشهوة لم يعد الى الذنب , فهذه التوبة النصوح , وهى واجبة بما أمر الله تعالى : ولو تاب العبد ثم عاد الى الذنب قبل الله توبته الاولى , ثم اذا عاد استحق العقوبة , فان تاب تاب الله عليه أيضا .
و لا يجوز للمسلم اذا تاب ثم عاد أن يصر ؛ بل يتوب ولو عاد فى اليوم مائة مرة , فقد روى الامام أحمد فى مسنده عن علي عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ان الله يحب العبد المفتن التواب )) وفى حديث آخر : (( لاصغيرة مع اصرار , ولا كبيرة مع استغفار )) وفى حديث آخر : (( ما أصر من استغفر و لو عاد فى اليوم مائة مرة )) .
مجموع الفتاوى _ ج16 ص 57
قال الشيخ السعدي في تفسير الآية :
قد أمر الله بالتوبة النصوح في هذه الآية، ووعد عليها بتكفير السيئات، ودخول الجنات، والفوز والفلاح، حين يسعى المؤمنون يوم القيامة بنور إيمانهم، ويمشون بضيائه، ويتمتعون بروحه وراحته، ويشفقون إذا طفئت الأنوار، التي لا تعطى المنافقين، ويسألون الله أن يتمم لهم نورهم فيستجيب الله دعوتهم، ويوصلهم ما معهم من النور واليقين، إلى جنات النعيم، وجوار الرب الكريم، وكل هذا من آثار التوبة النصوح.
والمراد بها: التوبة العامة الشاملة للذنوب كلها، التي عقدها العبد لله، لا يريد بها إلا وجهه والقرب منه، ويستمر عليها في جميع أحواله.
من تفسير السعدي
انتظر ردودكم
الجمعة يوليو 30, 2010 1:06 pm من طرف Admin